ردّ الحزب محكوم بانفتاح طهران على واشنطن
كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
في مقارنة بسيطة بين الرد الإيراني على إسرائيل، ثأرا لاستهداف مبنى القنصلية الايرانية في دمشق بشهر نيسان الماضي ومقتل عدد من مسؤولي وضباط الحرس الثوري الايراني فيه، ورد حزب الله على الدولة العبرية، انتقاما لاغتيال القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت، هناك اوجه شبه في جوانب عدة أولها، تحضير سياسي واعلامي مسبق وتكبير لحجم الرد وتاثيره المبالغ فيه خلافا للواقع، ثانيا،انكشاف موعد الرد قبل حدوثه عمدا او اخفاقا، ثالثا، تضخيم الأضرار الناجمة عنه، بالمواقع المستهدفة او بالارواح، بعيدا عن الأدلة والوقائع الدامغة.
ما هي الاهداف والابعاد المتوخاة من هذين الردين المتشابهين، والتي لا توازي نتائجهما ظاهريا، او حتى تقارب استهداف القنصلية الايرانية والضباط الإيرانيين فيها، او اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر؟
يكاد رد حزب الله على اغتيال شكر مؤخرا، ان يكون نسخة منقحة عن الرد الإيراني على إسرائيل في نيسان الماضي، محكوما بجملة ضوابط، رسمها النظام الايراني في المواجهة مع إسرائيل مباشرة، او من خلال المليشيات المذهبية المنضوية تحت جناحه، ومنها الحزب، لاستغلال وتوظيف القضية الفلسطينية لمصالحه الخاصة، لا يتخطاها للمس بالهدف الاساس لطهران، وهو عدم التصعيد والتسبب بحرب اقليمية موسعة، والاستمرار بالانفتاح والتواصل مع الجوار والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، في سبيل فتح صفحة جديدة، تكلل باعادة تعويم الاتفاق النووي،وبرفع العقوبات الغربية المفروضة على ايران، لانقاذ النظام من تداعيات تردي الوضع الاقتصادي والمالي وانخفاض مستوى عيش الإيرانيين عموما، والتي انتخب الرئيس الايراني الاصلاحي مسعود بزشكيان للقيام بها، بالتعاون مع وزير الخارجية الايراني السابق محمد جواد ظريف.
ولذلك، وبالرغم من كل محاولات التعمية على الاهداف الايرانية المضمرة، يظهر بوضوح مدى الالتزام بهذه الضوابط، إن كان في رد ايران على إسرائيل سابقا، او رد الحزب، بما يشبه التفاهم المسبق على الاخراج المشترك لأي رد كان، لاظهاره وكأنه جديّ، ولكنه في الوقت ذاته لا يلحق الضرر اوالخسائر الموجعة باسرائيل.
وانطلاقا من هذه المعادلة، يتم قصف الصواريخ والمسيرات في قواعدها قبل الموعد المحدد للانطلاق، اوالتصدي لها قبل وصولها الى اهدافها، او تسقط بمناطق مفتوحة، لا تتسبب بسقوط اي ضحايا من المدنيين.
وهكذا يكون الرد قد استجاب ظاهريا لرغبة الثأر من إسرائيل، وارضى معنويا جمهور ومؤيدي النظام والحزب معا، وبعث برسالة تخويف لمعارضي النظام بالداخل، وترهيب لدول الجوار العربي تحديدا، ولم يتجاوز مصالح ايران العليا، التي تتجاوز اي اغتيال او تفجير ترتكبه إسرائيل، داخل ايران او خارجها.