لقاء حزبي لإنهاء إشكالات في الجبل
كتب يوسف دياب في “الشرق الاوسط”:
اعتبارات داخلية وخارجية تحكم اللقاء الدرزي – الشيعي، المقرر عقده يوم الأحد المقبل، في مقرّ بلدية الشويفات (المدخل الجنوبي لبيروت)، بعضها علني يرتبط بوحدة الموقف من «دعم المقاومة» في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان، والانحياز الكامل للقضيّة الفلسطينية، والبعض الآخر غير معلن ويتصل بإنهاء الاستفزازات التي تشهدها بعض قرى جبل لبنان، تحديداً بلدات درزية، مع نازحين من أبناء الجنوب وعدم استقبالهم.
لكنّ اللقاء الذي عُدّلت وجهته من تجمّع شعبي – جماهيري حاشد إلى اجتماع حزبي – سياسي مغلق، توسّعت دائرة المشاركين فيه ليضمّ «الحزب التقدمي الاشتراكي»، و«الحزب الديمقراطي اللبناني» (حزبان درزيان)، و«الثنائي الشيعي» المتمثّل بحركة «أمل» و«حزب الله»، و«تيّار المستقبل» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، وقادة أمنيين وشخصيات سياسية واجتماعية. أما الغائب الأبرز عنه فهي الأحزاب المسيحية رغم حضور بعض الشخصيات المسيحية التي تتقاطع في خياراتها السياسية مع «حزب الله» و«محور الممانعة».
جنبلاط وأرسلان يرعيان اللقاء
التحضيرات اللوجستية والترتيبات الأمنية للقاء باتت شبه منجزة، وتنصبّ الجهود الآن على العناوين التي سيطرحها المشاركون. وكشفت مصادر سياسية مواكبة للتحضيرات أن «أهمية اللقاء تكمن برعايته من قبل الزعيمين الدرزيين وليد جنبلاط وطلال أرسلان، بما يمثلان من ثقل في الشارع الدرزي ويعّبران عن ثوابت طائفة الموحدين الداعمة للقضيّة الفلسطينية، وتحرير الأراضي المحتلة وحقّ الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلّة».
وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «التقارب ما بين جنبلاط وأرسلان حول قضية فلسطين ودعم المقاومة في لبنان أبعد بكثير مما يحكى عن نسج علاقات سياسية تؤسس لتحالفات انتخابية في المستقبل». وأشارت المصادر إلى أن «الجهد الأكبر ينصب في هذه المرحلة على وأد أي محاولة للفتنة وقطع الطريق على من يحاول التسلل إلى البيت الدرزي، أو من خلاله، لخلق إشكالات مع الشركاء في الوطن، خصوصاً الأخوة من أبناء الطائفة الشيعية العزيزة، الذين هُجِّروا من قراهم في الجنوب هرباً من الجرائم الإسرائيلية».
لقاء لكل المكونات
وبخلاف ما يروّج عن أن اللقاء كان من الأساس درزياً – درزياً لبحث الإشكالات بين مناصري «الحزب الاشتراكي» بقيادة النائب تيمور وليد جنبلاط، و«الحزب الديمقراطي اللبناني» برئاسة النائب السابق طلال أرسلان، أوضح عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، أن اللقاء «ليس محدداً بين الحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي، بل وجّهت الدعوات لكلّ المكونات ذات الحضور الفاعل في منطقة الشويفات، ومنها (حزب الله) و(حركة أمل)». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الظروف التي يمرّ بها لبنان وفلسطين، خصوصاً بعد النكبة التي حلت بغزّة، دفعت هذه القوى إلى ضرورة تشخيص الصراع والتأكيد على موقفها الثابت من الصراع مع العدو الإسرائيلي».
وكان مقرراً أن ينعقد اللقاء، الأسبوع الماضي، إلا أن عوامل عدة طرأت واستدعت إدخال تعديلات، أهمها توسيع دائرة المشاركين فيه لتكون نتائجه مضمونة. وأوضح أبو الحسن أن اللقاء ليس موجهاً إلى الداخل، ولا يشكل اصطفافاً بوجه أي فريق لبناني آخر. وقال: «نحن منحازون لقضية فلسطين، ولدعم الشعب الفلسطيني، ولا حياد في معركة قائمة بين المجرم والضحية»، لافتاً إلى أن اللقاء سيكون مشهداً جامعاً، ويعبّر عن هوية الشويفات الحقيقية وانتمائها إلى عروبتها وقضيها المركزية وهي قضية فلسطين العادلة».
50 شخصية
وتستضيف بلدية الشويفات في مقرّها هذا اللقاء، الذي يضمّ حوالي 50 شخصيّة من كلّ القوى والأحزاب التي تحظى بتمثيل شعبي في هذه المنطقة ذات التنوع الطائفي والسياسي. وأعلن مصدر قيادي في «تيّار المستقبل»، أن التيار «سيشارك في لقاء الشويفات، انطلاقاً من كونه مكوناً أساسياً من نسيج المنطقة الاجتماعي، وحريصاً على السلم الأهلي وإرساء أفضل العلاقات بين مكوناتها تحت سقف العيش المشترك».
الإشكالات الداخلية لن تحجب الاهتمام عن العنوان الأساس للقاء، إذ عدَّ مدير الإعلام في «الحزب الديمقراطي اللبناني» جاد حيدر، أن «العلاقة مع المقاومة في لبنان والقضية الفلسطينية ستتصدّران جدول اللقاء، من دون أن يغفل أن العلاقة الدرزية الشيعية مطروحة بقوّة على جدول النقاش». وكشف حيدر لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع «سيشدد على ضرورة إزالة التشنجات التي حصلت في الجبل، والتأكيد على أن الجبل يحمي ظهر المقاومة، وأهمية أن تبقى العلاقات الدرزية – الشيعية بأفضل حال». وقال: «الطائفة الدرزية تعرف موقعها من القضية الفلسطينية والمقاومة في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزّة وكل فلسطين، ولا بدّ من إزالة رواسب بعض التوترات التي حصلت في الجبل منذ أسابيع، وقطع الطريق على أي فرصة لزعزعة استقرار الجبل، خصوصاً الشويفات، التي تمثّل بوابة هذا الجبل»، مشيراً إلى أن «كل فريق سيبدي موقفه ويناقش تحت ثوابت حماية البلد واستقراره والحفاظ على تنوعه وعدم السماح لمرتهنين لأجندات خارجية أن يتلاعبوا بالأمن والاستقرار في الجبل وكل لبنان».