ماذا لو فشلت مفاوضات الهدنة الموعودة في غزة؟
جاء في “المركزية”:
على بعد يومين من بدء شهر رمضان، لا تزال المفاوضات المبذولة بشأن إرساء هدنة في غزة متعثرة، رغم الاتصالات والمشاورات الاقليمية والدولية المكثفة، نتيجة الشروط والشروط المضادة بين اسرائيل وحركة حماس.
وفيما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن “في خطابه عن حال الاتحاد أنه وجه الجيش الأميركي بالقيام بمهمة طارئة لإنشاء ميناء موقت على ساحل غزة” من أجل نقل مزيد من المساعدات الإنسانية عبر البحر إلى القطاع المحاصر، كُشِف امس عن أن المملكة العربية السعودية ستحتضن، الأحد المقبل، اجتماعا سداسيا هو الثالث من نوعه بعد اول في الرياض وثان في عَمان، تشارك فيه السعودية وقطر والإمارات والأردن ومصر وفلسطين ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، سيبحث الموقف العربي الموحد حول آليات إنهاء الحرب على غزة، وإدخال المساعدات، وترتيب المرحلة المقبلة فيما يخص إقامة الدولة الفلسطينية. لكن ما السيناريوهات المتوقعة في حال فشلت مساعي التهدئة؟
مصادر سياسة مطلعة تؤكد لـ”المركزية” ان التفاوض لن يصل الى نتيجة ما لم تُخفَّض السقوف العالية للأهداف. عندما يقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان اي هدنة ومهما استمرت لن تمنعني من دخول رفح ولن أقبل إلا بالنصر الكامل، فهذا الكلام لن ترد عليه المقاومة بايجابية. وقوله هذا يعني انه يستند إلى الظرف الحالي في الولايات المتحدة الداعمة الرئيسية للعمليات الاسرائيلية العسكرية، كونها سنة انتخابية واللوبي اليهودي في اميركا فاعل، وهذا يخدم اهداف نتنياهو، وبالتالي إذا رفع سقفه فسيجد من يلبيه. من المؤسف ان موقف الولايات المتحدة، بخصوص رفح تحديدا، يكتفي بتنبيه اسرائيل بأن عليها ان تتجنب الاصابات الانسانية بالتوافق مع المعايير والقوانين الدولية. هذا الموقف الاميركي لم يؤخذ بالاعتبار سابقا. فقد قالت واشنطن هذا الكلام لدى دخول خان يونس وفي قصف المستشفيات، وغيرها ولم تجد أذانا صاغية لدى إسرائيل التي ضربت بالقانون الدولي عرض الحائط. لذلك يبدو هناك ضوء اخضر اميركي لاسرائيل لدخول رفح، لكن قد تضغط على نتنياهو لتأجيله الى ما بعد رمضان، كنوع من حفظ ماء الوجه تجاه حلفائها في منطقة الشرق الاوسط من الدول العربية والاسلامية.
في المقابل، صحيح ان حماس اوكلت مصر وقطر بالتفاوض وتسامحت بالكثير مما تطلبه في اتفاقية باريس 1 وباريس 2، ويبدو انه وُضع إطار لهدنة زمنية مؤقتة، وهذا ما لم تكن توافق عليه حماس سابقا، يقضي بوقف كافة العمليات وبالتتابع: في الاسبوع الاول وقف اطلاق نار نهائي، وفي الثاني إدخال مساعدات… اي بتوقيت وافقت عليه حماس. لكن امام التعنت الاسرائيلي وما تسميه حماس بالخداع والالاعيب التي تمارسها اسرائيل بطلب اسماء الرهائن، وغيرها من المعلومات، فإن “حماس” لن تقع في هذا الخطأ لأن تحركاتها مرصودة حتى تحت الارض، ومن الممكن ان يستفيد منها العدو الاسرائيلي، لذلك عادت الى التشدد كما في السابق، اي إما وقف اطلاق نار نهائي وانسحاب اسرائيل وعدم تدخلها بـ”اليوم الثاني لغزة” او من سيحكمها، لأن هذا الموضوع فلسطيني- فلسطيني بحت. لكل هذه الاسباب، فشلت المفاوضات، بحسب المصادر.
في حال عدم التوصل الى هدنة قبل رمضان، هل ستضغط واشنطن على نتنياهو، وتهدده بقطع السلاح عنه؟ هنا تلفت المصادر الى ان الاعلام الاميركي أثار ضجة مؤخراً حول الادارة الاميركية الحالية بأنها لم تعلن سوى عن صفقتي سلاح لاسرائيل، في حين ان ما ارسلته يصل الى مئة صفقة. وثمة تقرير صدر في كانون الاول الماضي عن وصول 220 طائرة و20 سفينة تحمل مساعدات عسكرية الى اسرائيل، وذلك في نهاية المرحلة الاولى، المرحلة الانتقامية البرية لاسرائيل. وما زالت المساعدات تتدفق، ومنها رصد مبلغ 14 مليار دولار من الكونغرس. صحيح ان الرئيس والادارات لديهم أذونات للتدخل دون موافقة الكونغرس لمدة ثلاثة أشهر، لكن بعدها، تُعرَض عليه ويوافق على الصفقات. عندما تثار الضجة هذا معناه ان الادارة تكذب على الكونغرس وعلى شعبها، وترسل المساعدات من دون ان تعلن عنها. لذلك لا اتوقع ان تُحجَب أي مساعدة عن اسرائيل. وطبعا هناك سقف استراتيجي دائم، وهو ما قاله الرئيس الاميركي جو بايدن في 7 اوكتوبر بأن اميركا لن تترك اسرائيل تحت التهديد مجددا. لذلك هناك موافقة على كامل ما تفعله اسرائيل ليس فقط في القطاع لكن أيضاً في الضفة الغربية وعلى جبهتها الشمالية، تختم المصادر.