سياسة

مؤشرات إيجابية… و”الحزب بارك”!

كتب طوني جبران في “المركزية”:

للمرة الأولى أجمعت التقارير الديبلوماسية التي وردت من الدوحة وواشنطن وتل أبيب والقاهرة على الاشارة الى مجموعة من المؤشرات الايجابية التي يمكن ان تفضي بالحد الادنى الى بداية تطبيق المشروع الأميركي لوقف الحرب في غزة وفق المراحل التي تحدث عنها، عملا بما قال به قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في العاشر من حزيران الماضي وكيفية تنفيذه.

وقالت مصادر ديبلوماسية وسياسية لـ”المركزية” ان لم يكن ممكنا التوصل الى هذه المرحلة التي قد تتطور بسرعة قياسية لا تتعدى موعد زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الى واشنطن في 24 تموز الجاري – ان بقيت الزيارة في موعدها – لو لم تتراجع حركة “حماس” عن اولوية الاعلان عن وقف نار ثابت ومستدام لاطلاق النار قبل بدء المفاوضات وهو ما يفتح الطريق أمام الوسطاء الثلاثة الاميركيين والقطريين والمصريين الى ممارسة المزيد من الضغوط على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو للموافقة على استمرار المفاوضات. وهو أمر لن يطول الوقت لفهم ما انتهت اليه بعد مناقشته اليوم لمضمون التقرير الأولي الذي نقله اليه امس السبت موفده الوحيد الى مفاوضات الدوحة رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) ديفيد برنيع، بعدما استبعد نتنياهو في خطوة مفاجئة – لم تفهم خلفياتها بعد – مشاركة باقي المفاوضين ولا سيما رئيسي جهازي “امان” و”الشاباك” كما كان معتمدا في المراحل السابقة للمفاوضات-

وعند دخولها في التفاصيل قالت المصادر عينها “ان مواقف حماس المستجدة بايجابياتها هي التي فتحت الباب أمام الجولة الجديدة من المفاوضات في خطوة تكررت للمرة الثانية منذ منتصف نيسان الماضي، تاريخ مناقشة أول مشروع أميركي للتهدئة، ولم يجارها الجانب الإسرائيلي في حينه. كل ذلك يتكرر في وقت ما زال فيه نتنياهو يتحدث عن فجوات عميقة بين الطرفين وهو أمر قاد المراجع الاسرائيلية، قبل العربية والغربية والأميركية، الى التشكيك في نواياه عند قراءتها لهذا الموقف. و اعتبرته مؤشرا الى احتمال انه يهدد برفض استكمال المفاوضات ان لم يعط المفاوض الإذن المطلوب لاستكمالها بدءا من يوم غد الاثنين، ان لبى الجميع الدعوة التي تقدم بها الجانب المصري مساء أمس السبت لاستئناف ما تحقق في مفاوضات الدوحة بمشاركة قطرية واميركية واسرائيلية توازي حجم ومستوى تمثيلهم في المرحلة الأولى منها.

وفي وقت تأمل الاطراف الثلاثة الراعية لمساعي التهدئة ان تتقدم الامور، بقي التشكيك قائما في إسرائيل بامكان التفريط بفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى وهو ما اشار اليه قادة المعارضة الإسرائيلية يتقدمهم بيني غانتس وغازي ايزنكوت الذي لفت الى أنه لا يستبعد ان يستمر نتنياهو بتعنته بعدما تراجعت حماس إلى الخلف بخطوة لم تكن متوقعة، لما يشكله ملف الاسرى بالنسبة اليها من ورقة قد يؤدي التنازل عنها الى هزيمة مروعة ام لم تضمن وقفا للنار وبرنامجا واضحا لإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي ووضع برنامج الانسحاب على النار بشكل واضح.

وبالإضافة الى هذه المؤشرات الإيجابية التي وفرها موقف حماس أكدت مراجع ديبلوماسية ان اسرائيل تراجعت ايضا عندما انهت تمسكها بحل حركة حماس وتفكيكها قبل وقف النار واكتفت ببرنامج تبادل الأسرى بالمعتقلين لديها بانتظار التفاهم على شكل إدارة القطاع وتحديد الهوية السياسية للفريق الذي سيكلف بها سواء تم التفاهم على تمدد السلطة الفلسطينية من الضفة الغربية اليها او تم تشكيل ادارة مؤقتة تفضي في النتيجة الى توحيدها بالسلطة بشكل من الاشكال، لما تمثله هذه الخطوة من مؤشر لقرب اعلان “الدولة الفلسطينية” على اراضي الضفة والقطاع معا كما كانت قبل سيطرة حماس عليه وفصله عنها برعاية ومباركة اسرائيلية واضحة في العام 2008 بعدما استكملت مراحل انسحابها العسكري منه وتفكيك مستوطنات “هوشي قطيف” في شمال القطاع ما بين العامين 2005 و2008 بشكل متدرج.

وانطلاقا من هذه المؤشرات، تلاحقت المواقف فأكدتها وترجمتها ألسنة المسؤولين في حماس الذين تحدثوا صراحة عن تفاصيل المقترح في مرحلته الأولى التي ستستمر لمدة 6 أسابيع، وقفا كاملا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وإطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين، بمن فيهم النساء والمسنين والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، وفقا لما أعلنه الرئيس الأميركي في حزيران الماضي.

وقال مسؤولو الحركة انه وخلال هذه المرحلة ستتفاوض حماس والعدو على الإجراءات الضرورية لتنفيذ المرحلة الثانية، والتي تتضمن خارطة طريق، “لإنهاء دائم للأعمال العدائية، وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، وحتى الجنود الذكور”. أما المرحلة الثالثة فتتضمن خطة “إعادة إعمار كبرى لغزة، وإعادة ما تبقى من رفات الرهائن الذين قتلوا إلى عائلاتهم”.

وبانتظار معرفة مواقف الحكومة الاسرائيلية مما هو مطروح على طاولة الدوحة وما يمكن ان يطرح على طاولة القاهرة في الساعات المقبلة، ان استؤنفت المفاوضات من حيث انتهت في الدوحة، برزت على سطح الأحداث المعلومات التي تم ضخها عن موافقة “حزب الله” على الاتفاق الجديد ومباركته ودعمه لموقف حماس بمعزل عما سمته الإدارة الأميركية والوسيطين القطري والمصري “التنازلات الكبرى” التي قدمتها الحركة.

وعليه، ختمت المصادر لتتحدث عن سيناريو هو الأقرب الى التنفيذ ويقول: طالما ان قيادتي “حزب الله” و”حماس” لم تنفيا بعد هذه المعلومات، فإنها ستشكل منعطفا مهما. وخصوصا انها جاءت في توقيت دقيق تلى لقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل أيام بنائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السيد خليل الحية الذي يتابع أدق التفاصيل بشان المفاوضات في قطاع غزة ويشرف على عمل فريق المفاوضات في الخارج. كما انه ممن يتابع بدقة مهمة تعزيز التواصل مع طهران والدوحة مع مختلف اجنحة الحركة في الخارج وضمان تواصلها مع الداخل. وهو ما دفع بالمراجع الديبلوماسية الى التأكيد ان توقيت الاعلان عن الاتفاق ليس بعيدا عما يشكله من ترجمة فعلية للوعود الإيرانية أمام وسطائها مع واشنطن التي قطعت بتجنب اي توسعة للحرب وانها قادرة على التأثير في المرحلة المقبلة لاستعادة الهدوء الناجز الى الحدود الجنوبية في لبنان بعد غزة مباشرة.

زر الذهاب إلى الأعلى