بعد إطلاق مبادرتها والقنص عليها.. ماذا تنتظر المعارضةّ!
كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
لاقت المبادرة التي طرحتها المعارضة لإخراج الملف الرئاسي من دوامة الفراغ تجاوباً من معظم الأفرقاء ورفضاً من “الثنائي الشيعي” الذي اعتبر ان مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري القائمة على حوار مدته سبعة ايام تليها جلسات متعددة بدورات متتالية، هي أقصر الطرق لانتخاب رئيس للجمهورية. فلماذا أطلقت المعارضة مبادرتها في هذا الوقت بالذات؟ وهل تتوقع ان تلقى الدعم المطلوب من القوى السياسية؟
النائب بلال الحشيمي يؤكد لـ”المركزية” ان “المعارضة أرادت من خلال مبادرتها إضفاء جو من الليونة تجاه انتخاب رئيس، وقد رأينا ردات الفعل من قبل الثنائي الشيعي والاشتراكي والتيار الوطني الحر. كان واضحاً ان بالنسبة للثنائي ولدت المبادرة ميتة وأنها “للنكد السياسي”، مشيراً إلى ان “الليونة في التعاطي من قبل المعارضة كانت واضحة منذ بدأنا بانتخاب رئيس وحضرنا 12 جلسة والاخيرة التي حضرناها في 14 حزيران بقينا في المجلس، واقترعنا لميشال معوض وبعده لجهاد ازعور، بينما الطرف الآخر خرج من الجلسة، وكان يعرقل عملية الانتخاب.
ويؤكد الحشيمي ان “البلد بحاجة الى انتخاب رئيس خاصة في المرحلة الصعبة التي يعيشها اللبنانيون، خاصة ابناء الجنوب”، مشددا على ان “أجواء الحلحلة التي نسمعها في ما خصّ غزة، قد يكون لها وقعها على لبنان، وهذا يعني ان المفاوضات ستبدأ وبالتالي نحتاج الى رئيس كي يتعامل معها. البلد يعيش حالة فراغ في حين ان التفاوض عاد الى طبيعته بين الاميركيين والايرانيين، علماً ان لبنان ورقة بيد ايران عن طريق حزب الله، هذا ليس صحيا بالنسبة للبنان، لأن ايران تفتش عن مصلحتها الخاصة وتعتبر لبنان بلدا استراتيجيا لها وتسيطر عليه في الوقت الحاضر، لذلك من مصلحتنا ان ننتخب رئيسا. من هذا المنطلق كانت مبادرة المعارضة، من اجل ان تقول للفريق الآخر وللجنة الخماسية بأنها تمد يدها”.
ويلفت الحشيمي الى “أننا لا نقول حوارا، لأن كلمة حوار لم تعطِ نتيجة، منذ العام 2006 حتى اليوم كل الحوارات لم تُطبّق مقرراتها، لذلك لا يمكن اليوم إجراء حوار فيصبح عرفاً، لأن المشكلة ان الاعراف الجديدة يتحكم بها القوي. نريد ان يسير البلد تحت امرة الدستور فقط لا غير”.
ويضيف: “يقولون أنهم مع الدستور ويطلبون منا ان نتوجه الى المجلس للتشاور لكن، هل الثنائي يريد في الوقت الحاضر انتخاب رئيس؟ هل ايران تريد ذلك؟ ماذا عن الولايات المتحدة الاميركية؟ اعتقد ان من مصلحة ايران اليوم عدم انتخاب رئيس لأن المفاوضات قادمة، ولبنان اصبح صندوق بريد، لذلك المفاوضات تكون تحت اسم الايرانيين وليس الدولة اللبنانية. كما ان الاميركيين يطلبون انسحاب حزب الله الى ما بعد الليطاني، وهذا يحتاج الى دخول ايران على الخط، ومصلحة الايرانيين اليوم تقتضي ان يبقى لبنان في هذا الجو المتقلب من دون ادارة وفي ظل الفوضى العارمة في مؤسسات الدولة، وتبقى الاطراف الخارجية متحكمة بالقرار اللبناني”.
ويستبعد الحشيمي “انتخاب رئيس في الوقت الحاضر، لكننا كمعارضة ثابتون على موقفنا ونحتاج لأن نتعاون معاً من أجل انتخاب رئيس وانتظام عمل المؤسسات، ولا نقبل ان يفرض علينا احد انتخاب رئيس او مرشحه. يقولون ان مرشحهم جدي ومرشح المعارضة غير جدي، ويتحدثون بفوقية وعن انتخاب مرشحهم او لا رئيس، وانهم يريدون مرشحا يحفظ ظهر المقاومة ويحافظ على سلاح حزب الله”.
ويتابع: “كمعارضة نحاول ان نبدي ليونة لكننا نقابل بحجج أكبر. عندما بدأ الحديث عن الحوار، كل الكتل قبلت بالحوار الا القوات اللبنانية، فخرج بري وقال: لأن القوات غير موجودة لن اجري الحوار، واعتبر هو قدم معروفاً للقوات لأنه لم يقبل بإجراء حوار من دونهم. القضية ليست ان بري لم يقبل بإجراء حوار بل ان الثنائي اليوم لا يريد انتخاب رئيس او علينا ان نرضخ لانتخاب مرشحهم”.
ويرى الحشيمي ان “مهما فعلنا سيخلقون في المقابل حججا، حتى لو قبلنا بالحوار الذي دعا اليه بري، سيجدون الحجج لأن ليس هناك ضمانة. وضع البلد ليس سهلا. الفوضى الموجودة تصب في مصلحة الثنائي، إضافة الى الوضع في الجنوب. كل هذا يجب ان يجعلنا ندرك ومعنا حزب الله أهمية الجلوس معا والتحدث والتمتع بالليونة، لا يمكن ان نبقى بهذا التشدد”.
وتطرق الحشيمي الى أهمية مناقشة القرار 1701 في مجلس النواب “كي نخرج معاً بموقف موحّد وجامع حول أهمية تطبيقه، وكي يصبّ في مصلحة اللبنانيين ولا يكون على حسابهم، لأن كلما تقدمنا في الوقت اصبح الـ1701 مجزءاً. الخطة التي يتحدثون عنها، اكان الموفد الاميركي آموس هوكشتاين ام غيره، تتناول سحب المظاهر المسلحة غير الشرعية عن الحدود، ومن ثم دخول الجيش وعودة النازحين، لكن بذلك نكون قد جزأنا القرار، اصبح على حساب اللبنانيين فقط دون الاسرائيليين”.
ويؤكد ان المطلوب من الخارج، خاصة الولايات المتحدة، ان يساعد اليوم كما ساعد على ترسيم الحدود البحرية والتمديد لقائد الجيش. صحيح انه منشغل بانتخابات داخلية، لكن ايران تستغل هذا الموضوع لتجميع اوراق تفاوضية، ونحن ننتظر لنر نتيجة المفاوضات بين جميع هذه الاطراف وكأننا خارج التغطية، وهناك من يقرر عنا”.
ويضيف: “المعارضة بادرت الى الليونة لكن حزب الله يوظف الوقت، ويعتبر انه دائما ما يكون لمصلحته، كما حصل عند انتخاب الرئيس ميشال عون ،اذ رأينا كيف كانت النتيجة وكيف ساءت علاقاتنا خاصة مع الخليج، لكن لا اعتقد ان هذه المرة سيتمكن من النجاح لأن المعارضة لن تقبل”.
ويختم الحشيمي، مشيرا الى ان “على المعارضة التنبه لكيفية تعاطيها مع بعض الملفات التي تؤثر على الوضع العام، كملف النازحين السوريين. متفقون على ملف رئاسة الجمهورية وملفات الاصلاح والـ1701 واستقلالية الدولة والحفاظ على البلد، ومتفقون على ان لدينا مشكلة نازحين، لكننا غير متفقين حول كيفية التعاطي معها بشكل تنظيمي وبحكمة وبترتيب معين. لأن التجييش والخطابات التحريضية تؤثر على البعض خاصة على بيئتنا السنية، وهذا يؤدي الى تراجع قوة المعارضة، لذلك اعتقد ان معالجة بعض الملفات يجب ان تكون بوعي وحكمة اكبر لأجل الا تؤثر على مسيرة المعارضة التي همها بناء البلد وانتظام عمل الدولة”.