كيف ستُلاقي الممانعة نتنياهو بعضلات “الكاوبوي” الجمهوري؟
جاء في “الراي الكويتية”:
بين تكرارِ الجيش الاسرائيلي «أن لدينا مهمةً واضحةً في الشمال وهي إبعاد حزب الله عن السياج الحدودي»، وتأكيد الحزب أن «حسابات العدوّ مع لبنان تختلف عنها في غزة، وصواريخنا يمكن أن تطول أي نقطة في فلسطين المحتلة»، يرتسم مجدداً الجدارُ العالي الذي ما زال يعترض استشرافَ آخِر النفقِ في الحرب على جبهة جنوب لبنان والتي تتعاظم المَخاوفُ من أن تَسقط عن الرادار الدولي في ضوء الانشغال الفرنسي بالوضع الداخلي والأهمّ الانهماك الأميركي بالسباق إلى البيت الأبيض الذي احتدم مع إطلاق رصاصٍ على دونالد ترامب أصابَ جو بايدن بـ «مقتل»! وولّد ارتفاعاً كبيراً في أسهم «الكابوي الجمهوري»، وهو ما بات يشكّل عنصراً يُخشى أن يتقاطع معه طرفا المواجهة (أي تل أبيب و»حزب الله») على وجوبِ ملاقاته أو التحسّب له بخطواتٍ «من خارج الصندوق».
وبعدما كان مآلُ المفاوضاتِ حول هدنة غزة وفق مقترح بايدن يُقاس بدفتر الشروط المتبادَل ولا سيما من بنيامين نتنياهو الذي لا ينفكّ يُخْرِج «أرنباً» تلو الآخَر لتكبيل المحادثات بأثقال إضافية، إذ بهذا المسار يتّجه لمزيد من التعقيداتٍ التي ستنعكس وعلى طريقة «الأواني المستطرقة» على الجبهة اللبنانية، وذلك في ضوء ارتداداتِ محاولة اغتيال ترامب وخروجه منها كمرشّحٍ «مضاد للرصاص» في انتخاباتٍ صار من الصعب ألا تشهد «استثماراً لدمه» الذي سال في بنسلفانيا والذي قرّبه من العودة الى قيادة الولايات المتحدة.
وإذ كان نتنياهو وقبل الانتعاش الكبير لحظوظ ترمب الرئاسية يَعتمد سياسة «التفاوض بالنار» ساعياً إلى تحقيق المزيد من الأهداف في غزة بقوةِ الاغتيالات وفرْضِ وقائع على الأرض تقوّض أيَّ محاولاتٍ لإرساء مرتكزاتٍ واقعية لـ «اليوم التالي» في القطاع وتشتري له الوقتَ في انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية، فإن «اطمئنانَه» إلى القفزة الكبيرة في فرص نجاح الرئيس السابق تعزّز الخشيةَ من أن يتمادى في ممارساته داخل غزة والتي لم تَعُد لأدوار جبهات الإسناد في «محور الممانعة» أي تأثيرِ رادِعٍ لها
ولا سيما بعدما أفرز دخولُ حلفاء إيران المعركة ساحاتِ قتالٍ، وخصوصاً في جنوب لبنان، صارت لها دينامياتها المنفصلة عن «الحرب الأمّ» وتالياً المسارات الخاصة لإخمادها والتي أصبحت تجْمع بين ستاتيكو ما قبل 7 أكتوبر ومتغيّرات ما بعده.
وفي حين اصطدم المسارُ الخاص بتهدئة جبهة الجنوب – والذي لا انطلاقة له ولو على قاعدةٍ انتقالية قبل وقف نار في غزة توافق عليه «حماس» وسيلتزم به «حزب الله» فوراً – بصعوبة التوفيق بين هدف تل ابيب بشريطٍ عازِل يَسمح بـ «فكّ أسْر» مستوطنات الشمال وعودة سكانها، وبين تعاطي «حزب الله» مع أي شروط اسرائيلية على أنها محاولةٌ للأخذ بالدبلوماسية ما لا يَسمح لها به الميدان وما أفرزه من توازناتٍ، فإنّ شكوكاً باتت تحوط بالانطباع الذي كان سائداً بأن نتنياهو – الذي «يكبّر» أبعاد ونتائج اغتيالات جيشه لقادة من «حزب الله» – قد يُبْقي تركيزه و«فوهاته» على غزة مع رفْعِ مستوى المطاردة الأمنية لقادة «حماس» والاكتفاء بالنسَق الحالي من المواجهة مع الحزب، وذلك في انتظار «تشرين الثاني الأميركي».
وإذ يَحمل طول أمد الحرب، والمرشّحة في ضوء هذه القراءة وترنُّح المفاوضات لأن تطول لأشهر إضافية، في ذاته بذورَ احتمالات وقوع صِدام أكبر على جبهة لبنان بقرار كبير أو خطأ كبير، فإن أوساطاً مراقبة باتت تَطرح أيضاً علامات استفهام حيال وقْع بدء العد التنازلي للعودة المحتمَلة لترمب الى البيت الأبيض على مقاربة محور الممانعة لهذا السيناريو والذي سيكتسب معه نتنياهو حُكْماً المزيد من «الأنياب» للانقضاض على غزة كما على الجبهة الشمالية لفرْض شروطه، وهل يَقْتضي ذلك سلوكاً أبْعد من وضعيةِ الانتظار لمعركةٍ يُخشى أن اسرائيل ربما حدّدتْ مكانها وزمانها في انتظار «الساعة صفر».