دور ألماني استخباراتي لتجنيب المنطقة الحرب
كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
السيناريو الذي يقض مضاجع اللبنانيين منذ اغتيال اسرائيل المثلث الاضلع بين الضاحية الجنوبية لبيروت وطهران وغزة هو رد ثلاثي ايراني – حزب اللهي – حمساوي على مستوى الاغتيالات يستتبع حربا واسعة تشنها تل ابيب على لبنان ومنه على سائر دول المحور ،لا سيما ايران، تنخرط فيها الدول المناصرة لاسرائيل لتتوسع الى حرب عالمية شاملة، خصوصا ان ارضية الحرب مهيأة مع ارتفاع منسوب الحقد والكراهية وانضمام دول أخرى الى الشكوى الاممية ضد اسرائيل على خلفية مجازرها في غزة من جهة واعلان الولايات المتحدة والحلفاء الدفاع عن اسرائيل في ما لو استهدفتها طهران، من جهة ثانية.
هذا السيناريو إن حصل، سيدفع اللبنانيون اغلى الاثمان في دولة منكوبة لا يتملك ادنى مقومات الصمود ولا قرار الحرب والسلم المتحكم به حزب الله يجره الى حيث تقوده مصالح راعيته الاقليمية الجمهورية الاسلامية.
ولأن القرار في الضاحية وليس في بعبدا، حيث الشغور الرئاسي يناهز العامين بعد اقل من ثلاثة اشهر ، تتحرك بعض العواصم بسرية وبعيدا من الاضواء في اتجاهها لمحاولة ضبط الرد الذي تقول مصادر قريبة من حارة حريك لـ”المركزية” ان القرار اتخذ به وتم تحديد طبيعته، الا ان الحزب ينتظر ساعة الصفر التي لا تدركها سوى طهران لتنفيذه، متوقعة ان تكون الضربة محدودة والرد الاسرائيلي عليها كذلك بحيث لا يتعدى الايام الثلاثة تعقبه مفاوضات سريعة تفضي الى وقف النار.
وتقول المصادر ان في موازاة حركة الاتصالات المعلنة من العواصم الكبرى مع ايران واسرائيل لمنع التصعيد، تدور اتصالات بعيدة من الاضواء تتولى المانيا جزءا منها عن طريق مخابراتها التي تعرف طريق الضاحية الجنوبية، وقد زارها مسؤولون امنيون تكرارا واجتمعوا مع كبار القادة ، كان ابرزهم نائب مدير الاستخبارات الخارجية الألمانية أولي ديال، الذي حضر إلى بيروت منذ مدة واجتمع مع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يرافقه مدير محطة المخابرات الألمانية في بيروت، من دون أن يلتقي أيّاً من المسؤولين اللبنانيين، باعتبار ان عمله امني- مخابراتي وليس سياسيا. وتضيف ان المخابرات الالمانية تلعب دورا مهما في الاتصالات الجارية راهنا لمنع انزلاق المنطقة الى حرب واسعة وتحديدا في مجال محاولة اقناع الحزب بتطبيق القرار 1701 عبر الحل الدبلوماسي وليس العسكري، خصوصا ان الحزب يدرك ان لبنان لا يحتمل حربا شاملة لانها سترسم نهايته.
وتوازيا، تعتبر اوساط دبلوماسية غربية ان المانيا تعلم حقيقة صاروخ مجدل شمس الذي نفى حزب الله علاقته به، على غرار ما نفت اسرائيل علاقتها بحوادث امنية ضخمة وقعت في لبنان منذ اعوام، مشيرة الى ان الصاروخ ارتطم بآخر اطلقته القبة الحديدية فوقعت شظاياه في ملعب كرة القدم ، والا ولو ان الصاروخ بذاته سقط في الملعب لتسبب بمئات القتلى. وتبعا لذلك، واستدراكا لانفجار كبير تُشّغِل برلين اتصالاتها مع الاطراف المعنية على أمل اقناعها بوجوب ارساء تسوية قد تبرم بعد عمليات امنية محدودة مكانا وزماناً، تفضي الى اتفاق يقمع جموح بنيامين نتنياهو نحو توريط المنطقة في مواجهات عسكرية شاملة وجر الولايات المتحدة الاميركية اليها ، عن طريق تطبيق القرار 1701 ولئن جزئيا، فالمهم بالنسبة الى اسرائيل نقل السلاح النوعي الثقيل الى الداخل وابعاده عن الحدود. وتكشف الاوساط ان مدير المخابرات الاسرائيلية زار برلين بعد حادثة مجدل شمس وقبيل اغتيال اسماعيل هنية وفؤد شكر ومحمد الضيف في اطار تبادل الاقتراحات حول سبل عدم الانجرار الى الحرب.
بين الضغط الاميركي على اسرائيل والنصائح الروسية لايران والتواصل الالماني الامني مع حزب الله من خلال الخطوط الخلفية، استناداً إلى تجربة سابقة نجحت عبرها ألمانيا في إتمام صفقة تبادل للأسرى عام 2004 بين المقاومة واسرائيل، في موازاة قنوات تواصل المانية مفتوحة مع اسرائيل، هل تفضي حسابات الاطراف الى الركون للعقل والمنطق القاضيين بعدم توريط الإقليم في حرب دراماتيكية لا قدرة لاي فريق او دولة على الخروج منها منتصرا، فينجح الفريق العامل على ارساء التسوية والمانيا من ضمنه؟