خسائر الحرب بين 10 و12 مليار دولار
كتب اتحاد درويش في “الأنباء”:
يتفق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن حجم أضرار العدوان الإسرائيلي التدميري المتواصل على لبنان في الاقتصاد والبناء والبنى التحتية والقطاعات الإنتاجية لا يشبه من حيث نتائجه حرب تموز 2006. وأن كل يوم يمر يستنزف لبنان في اقتصاده الذي تجمد العمل به في المناطق التي تتعرض للاعتداءات، ما يكبد لبنان خسائر طائلة لا يمكن تحمل تداعياتها نظرا إلى التكلفة الكبيرة لإعادة إعمار ما تهدم.
وفي السياق، قال الباحث الاقتصادي د. محمود جباعي في حديث إلى«الأنباء»، «حرب الإسناد التي مر عليها أكثر من سنة والتي باتت معها مناطق لبنانية خارج النطاق الاقتصادي، كانت تأثيراتها كبيرة على القطاع السياحي الذي انخفضت ايراداته إلى ما لا يقل عن 2 مليار دولار. ومع اشتداد الحرب منذ شهر إلى اليوم وتوسع رقعتها وما ألحقته من دمار طال مختلف القطاعات، لا يمكن الإشارة إلى أرقام نهائية لأن الحرب لم تنته بعد».
وأكد جباعي «أن الدمار المباشر وقع على البنى التحتية والمساكن والقطاع الزراعي والمساحات الزراعية التي تضررت بشكل كبير جراء استخدام اسرائيل للقنابل الفوسفورية التي أتلفت مساحات كبرى منها تقدر بمئات ملايين الدولارات، إلا أنه ومع توسع رقعة هذه الحرب فإن التقديرات تقول بتأثر الناتج المحلي اللبناني في شكل يومي بنسبة 40% تقريبا كحد أدنى. وهذا الرقم له تأثيره بنسبة بين 25 إلى 30 مليون دولار خسائر يومية على الاقتصاد. وهي خسائر ناجمة عن إقفال معظم مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية».
واعتبر جباعي أن «حجم الدمار الذي سببته هذه الحرب هو اكبر بثلاث مرات من حجم حرب يوليو 2006. وكلما طال أمدها فإن الخسائر تتراكم أكثر، خصوصا أن عددا من القرى الأمامية تعرضت للإبادة، وبعض مناطق مدينة صور وقضائها الذي يضم 67 قرية معظمها مدمر في الأبنية والبنى التحتية، إضافة إلى جزء كبير من الضاحية الجنوبية والبقاع. وهذا كله له تأثيره وحساباته وأرقامه الكبيرة على الاقتصاد والتي تقدر بملايين الدولارات».
وأوضح جباعي «أن معظم الاقتصاديين يقدرون أن خسائر الحرب المباشرة وغير المباشرة هي بين 10 و 12 مليار دولار منذ سنة إلى اليوم. وهذا الرقم مرشح للارتفاع خصوصا في ضوء ارتفاع وتيرة الحرب قبل شهر وبشكل كبير. وهذا الرقم بحجمه الاقتصادي قد يناهز سنة كاملة من حيث الخسائر المتصلة بالدمار المضاعف وبالاقتصاد نتيجة حجم الشلل الكبير جدا. هناك مؤسسات كبيرة مقفلة والعمل فيها متوقف في الجنوب وغيره من المناطق التي تعرضت للضرر الواسع».
وتحدث جباعي «عن الخسائر الشخصية المتصلة بالنازحين الذين بلغ عددهم اكثر من مليون و300 ألف نازح، منهم 300 ألف في مراكز الإيواء، ومليون في شقق مستأجرة وفي الفنادق يقيمون فيها على نفقتهم الشخصية، في ظل ارتفاع هائل للإيجارات. وفي الحسابات هناك حوالي 200 ألف عائلة استأجرت شقق وايجارها لا يقل عن1500 دولار. واذا أخذنا المعدل الوسطي الذي هو 1500 دولار في الشهر، فإن المعدل يفوق 300 مليون دولار إيجارات فقط يدفعها النازحون، عدا عن كلفة حياتهم اليومية التي تقدر بين 1000 و1500. وهذا رقم مشابه، أي أن الخسائر على النازحين تصل إلى 500 و600 مليون دولار شهريا».
وأشار جباعي «إلى أن هناك إحصاءات تقول إن الدولة التي تتكلف على مراكز الإيواء تحتاج ما بين 300 و 350 مليون دولار، فقط في هذه المراكز التي تشكل 20 في المئة فقط من مجمل عدد النازحين. وبالتالي فإن الضرر الاقتصادي في لبنان كبير جدا، في ضوء تكاليف الحرب المستمرة التي تعمد فيها إسرائيل إلى التدمير الممنهج بحيث لا تطال الأهداف العسكرية، بل المدنيين ومراكز صحية وإسعافية واجتماعية واقتصادية وتربوية، فضلا عن الخسائر في قطاع الطاقة والمياه التي هي بين 500 و 600 مليون دولار، عدا عن قطاع الاتصالات الذي ناهز100 مليون دولار».
وخلص جباعي إلى «أن السؤال الذي يطرحه جميع الاقتصاديين عن الفاتورة الكبيرة عند انتهاء الحرب وكيفية إعادة الإعمار من جديد، لاسيما أن الدولة اللبنانية ليس لديها القدرة. وكل ما تملكه في موازناتها لا يتعدى 500 مليون دولار نقدا وبعض المبالغ بالليرة اللبنانية. وبالتالي لا إمكانية لها لإعادة الإعمار».
ورأى جباعي «أن مؤتمر باريس هو لإغاثة النازحين. والمبالغ المخصصة هي من أجل موضوع النزوح. ولابد من عقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان من أجل إعادة الإعمار».