عرض اوروبي جديد للبنان حول الهجرة غير الشرعية
كتب طوني جبران في “المركزية”:
كشف مفوض دعم أسلوب الحياة في الاتحاد الأوروبي السيد مارغريتيس شيناس يوم الجمعة الماضي ابان زيارته الى قبرص “أن الاتحاد يمكنه التوصّل إلى اتفاق مع لبنان لوقف وصول المهاجرين” الى دول الإتحاد الأوروبي السبعة والعشرين، شبيه بالاتفاق الذي تم توقيعه مع مصر الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر ديبلوماسية واعلامية رافقت إطلاق هذا الموقف ان العرض الأوروبي الجديد جاء ردا على مضمون شكوى قبرصية تبلغها الموفد نتيجة “تزايد أعداد الوافدين من الشرق الأوسط”. وهو ما وافته مراجع ديبلوماسية لبنانية في حديثها الى “المركزية” بالتريث في التعليق على هذا الموقف قبل الاطلاع على مضمون اي اتفاق يمكن ان يعرض على لبنان وما يقتضي ان يقوم به من جهة وما يمكن ان يقدمه الاتحاد الاوروبي من جهة أخرى.
واضافت المصادر ان وحتى هذه اللحظة، ليس لدى اي من المسؤولين اللبنانيين ما يمكن الاشارة اليه من معلومات عن “اتفاق ما” يمكن ان يعالج الاشكالات بين لبنان وقبرص التي تكررت في الفترة الاخيرة. وهي كانت موضع نقاش إبان وجود وزير الخارجية القبرصية كونستانتينوس كوبوس في بيروت في الثاني عشر من آذار الجاري. وقد تناولت بالاضافة الى ما يجري في قطاع غزة ومستجدات “الخط البحري الانساني” الذي انشأه الاتحاد الاوروبي بالتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية من لارنكا وصولا الى الميناء المؤقت الذي تبنيه البحرية الاميركية على شاطىء غزة، مشاكل الهجرة ولا سيما ما يتصل بموجاتها المكثفة التي تنظمها وتقودها شبكات محلية واقليمية بهدف ترحيل النازحين السوريين بطريقة غير شرعية الى دول حوض المتوسط وقبرص واحدة منها، كما بالنسبة الى اليونان وايطاليا وجزيرة مالطا وهي شبكات تستند في عملياتها الى تجارب اقليمية ودولية اتقنتها دول عدة منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2012 ولا سيما تركيا، وما شهده الساحل السوري من عمليات مماثلة قبل التشدد الذي تقوم به البحرية الروسية التي تسيطر على المياه الاقليمية الى جانب البحرية السورية.
واضافت المصادر، سبق للوزير القبرصي ان اعرب في محادثاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين ولا سيما مع نظيره وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي التقاه في أكثر من مناسبة منذ فترة عن امله بمزيد من التنسيق عند البحث بنتائج الحرب في سوريا “وارتباطها بمشكلة اللجوء الذي أصبح مصدر قلق لكلا البلدين”. وهو لم يخف رغبته بادخال الاتحاد الأوروبي طرفا في كيفية المعالجة على خلفية ان “يكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة”. ولكنه لم يشر الى اي “اتفاق محدد” معه على الرغم من اعتباره أنها “ازمة تطال معظم دوله وقبرص واحدة منها”.
واستطردت هذه المراجع لتقول ان ليس هناك بالنسبة الى قبرص اي مشاكل مع موجات المهاجرين أكبر من تلك التي كان لبنان طرفا فيها وخصوصا في الفترة الاخيرة التي تعددت فيها المراجعات القبرصية لدى السلطات اللبنانية. وآخرها ما عبرت عنه السلطات القبرصية من رغبة برد حوالى 500 نازح وصلوا الى شواطئها من لبنان باتجاه اراضينا وقد رفض لبنان ذلك ناصحا بامكان نقلهم الى “بلد ثالث” او اعادتهم الى بلدهم الاصلي، حيث ان هناك مناطق واسعة تنعم بنسبة عالية من الامن والهدوء بوجود الجيش الروسي واعادة بناء الجيش السوري. وان حصل مثل هذه الامر من قبل عندما ردت قبرص 105 سوريين ولبنانيين قصدوها من لبنان فإن ذلك لا يمكن ان يحصل اليوم، ذلك ان ما حصل شكل خطأ كبيرا ولن يتكرر.
عل اي حال – قالت المصادر المتابعة لهذه الملفات – انه وبانتظار الجديد الذي يمكن ان يتبلغه لبنان حول اي مشروع لاتفاق مثل ذلك الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع مصر قبل أسبوع، فإنه سيحيي شعور اللبنانيين والمجتمع الدولي بفقدان رئيس للجمهورية اوكل اليه الدستور ابرام اي اتفاق من هذا النوع.
وما يؤدي الى مرارة اكبر – اضافت المصادر عينها – ان الاتفاق الذي ابرم مع السلطات المصرية مساء الأحد الماضي في القاهرة ارتقى بالعلاقة بين الطرفين الى ما هو ابعد من “مكافحة الهجرة غير الشرعية” وقد بلغ مستوى “وثيقة للشراكة” تؤدي الى إطلاق مسار ترفيع العلاقات بينهما إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية والشاملة”، وخصوصا انه اتفاق وقعه كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في حضور رؤساء وزراء خمسة دول هي إيطاليا، بلجيكا، قبرص، اليونان والنمسا. ولا تتجاهل المصادر انه اتفاق قاد الى توقيع اتفاقيات مع مصر بقيمة 7.4 مليار يورو على مدى 4 أعوام في مجالات عدة، تشمل قروضا واستثمارات وتعاونا في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب.
وختمت هذه المصادر لتقول على كل من براقب هذه التطورات، ان يحصي مخاطر بقاء السلطة بيد حكومة تصريف اعمال لا يجمع على قراراتها اكثر من نصف الشعب اللبناني وبوجود مجلس نيابي وان كان يتمتع بالمواصفات الدستورية والتشريعية الكافية لكنه يعمل على القطعة وقد عجز عن إتمام اولى واجباته بانتخاب رئيس للجمهورية قبل القيام بأي عمل تشريعي آخر .