سياسة

هل من فوضى أمنيّة تعيد خلط الأوراق؟

كتب ميشال نصر في “الديار”:

يطغى الهاجس الامني بثقله هذه الايام على ما عداه من ملفات، من مواجهات الحدود الجنوبية الى المخاوف الداخلية، ما يظهر جلياً من خلال حال الطوارئ غير المعلنة التي تعيشها البلاد والتدابير الاستثنائية المتخذة بمناسبة موسم الاعياد، ما رفع من وتيرة “الامن الاستباقي” للاجهزة اللبنانية، التي اجرت تقويماً دوريا لحصيلة عملها في اجتماع مجلس الامن المركزي في وزارة الداخلية والبلديات ، وما تبعه من كلام للوزير المولوي، بعد موجة “الامتعاض” من عدم وجود التنسيق اللازم بين بعض الاجهزة وتضارب عملها، في ظل تنافس غير مقبول فيما المطلوب تكامل ، خصوصا في ظل الظروف الحالية.

عزز هذه المخاوف وفقا لمصادر وزارية، الاوضاع الاقليمية المتفجرة، من هروب “اسرائيلي” الى الامام وفقا للمتوقع من جهة، ومن جهة اخرى اجماع التقارير الاستخباراتية على ان التنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها “داعش”، اعادة تنظيم صفوفها مستفيدة من الدفع السني الذي خلفته حرب “طوفان الاقصى”، في اطار استعداداتها لشن عمليات، قد تكون موسكو اولى مراحلها.

في هذا الاطار، أبدت المصادر خشيتها من ان تكون البلاد امام فصل جديد من العمليات الإرهابية، وسط المخاوف من وجود مخطط لاتباع نمط عمليات محدودة ولكن مركزة ومتنقلة، وهو الامر الذي وضعته الجهات الأمنية والحكومية في حساباتها، معربة عن اعتقادها من ان الأجهزة والقوى الامنية والعسكرية، أظهرت قدرة واسعة في المجال الاستباقي للعمليات الارهابية طوال الفترة الماضية، رغم العثرات التي واجهتها، عبر توقيف الكثير من الخلايا النائمة والعناصر “الضالة” من اكثر من جنسية، دون ان يحجب ذلك خطورة التحديات الجديدة التي تظهر في اعتماد الإرهابيين وسائل مختلف، بما يجعل ساحة المواجهة مفتوحة على مزيد من المفاجآت الإضافية.

وتشير المصادر الوزارية الى ان الخوف الاكبر يكمن في نجاح التنظيمات الارهابية من جر الاجهزة الى حرب استنزاف لا قدرة لها على احتمالها، في ظل الظروف العامة التي تمر بها البلاد والمهام الملقاة على عاتقها في عمليات حفظ الامن الداخلي. علما ان بعض عمليات الاستهداف “الاسرائيلي” خلال الفترة الاخيرة، بينت سقوط اشخاص قاتلوا الى جانب الارهابيين في الشمال، فضلا عن وجود بعض الاجانب الذين دخلوا بطريقة غير شرعية.

غير ان الاخطر يبقى في ما كشفه مرجع سياسي كبير الى انه تبلغ معطيات خطرة من جهات اقليمية، عن مخطط لاحداث فوضى امنية، تستفيد من الاوضاع السياسية المتأزمة، عززتها التظاهرة الديبلوماسية اللافتة تجاه بيروت هذه الايام، التي وان عكست نواحي ايجابية من حيث احتلال لبنان مرتبة باتت الآن متقدّمة في أولويات المجتمع الدولي، ولكنها تعكس ايضاً نواحي سلبية يفترض قراءتها بدقّة من حيث المخاوف على الاستقرار اللبناني، رغم الاطمئنان الذي تبديه المصادر الوزارية، التي تتحدث عن ان لا بيئة حاضنة للجماعات الارهابية في لبنان، وان الوضع الامني ممسوك، وفيما الجهود منصبة على ارساء الاستقرار الامني عبر الخطط الامنية التي ستنفذ تباعا.

سفير دولة غربية في لبنان اكد امام من يلتقيهم، ان المظلة الدولية الحامية للاستقرار اللبناني لا تزال فاعلة رغم الثقوب التي اصابتها، بانتظار الانفراجات الاقليمية لفك سيل عقد ازماته المتراكمة ودرء المخاطر المتأتية نحوه، نتيجة تأثره الشديد بالتحولات المحيطة به، مشيرا الى قرار دولي جدي وحازم بعدم جر لبنان الى “المحرقة الاقليمية”.

درجت العادة اللبنانية على ربط انجاز كل استحقاق في لبنان بخضة أمنية تسبقه، من تجربة السابع من أيار، مرورا بالتفجيرات الامنية المتنقلة، وصولا الى معارك جبل محسن وباب التبانة، التي اختفت من المشهد الداخلي بسحر ساحر ، ما يطرح الكثير من الاسئلة والاجابات التي تكاد تكون كلها من باب التكهنات والتحليلات، ايا كان تفسير ما حصل ويحصل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى