اقتصاد

حركة الأسواق التجارية خجولة!

كتبت رماح هاشم في “نداء الوطن”:

تشهد الأسواق اللبنانية رغم تزامن الأعياد عند الطوائف المسيحيّة والإسلامية حركة خجولة في ظلّ استمرار ارتفاع الأسعار التي لم يكبحها الاستقرار في سعر صرف الدولار، حيث سُجّل ارتفاع لافت في أسعار الحاجيات الأساسيّة والألبسة مقارنة مع السنوات السابقة حتى في وسط الأزمة الاقتصادية، إلّا أنّ مبرّر الارتفاع في الأسعار يعود إلى أنّ لبنان يستورد بشكل كبير من الخارج وقد أدّى ارتفاع أسعار الشحن في مختلف دول العالم إلى رفع تكلفة البضائع لا سيّما في ظلّ ما يحصل في البحر الأحمر وارتفاع أسعار المحروقات.

وأعلنت إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، في وقتٍ سابق في بيان لها، أنّ مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان لشهر شباط 2024 سجّل ارتفاعاً وقدره 1,06% بالنسبة إلى كانون الثاني 2024، مع العلم أن التغيّر السنوي لمؤشر أسعار الاستهلاك عن شباط 2024 بلغ 123,21%، بالنسبة لشهر شباط من العام 2023.

تراجع حركة جونية

في ما يتعلّق في حركة الأعياد بأسواق جونية وكسروان الفتوح، تحديداً خلال عيدي الشعانين والفصح لدى طوائف التقويم الغربي، فيتحدّث عن تفاصيلها رئيس جمعية تجار جونية وكسروان الفتوح سامي العيراني، الذي يكشف أنّ «الحركة بشكل عام تراجعت بنسبة تتراوح ما بين 10 و30% مقارنةً مع السنة الماضية».

وخلال حديثٍ مع صحيفة «نداء الوطن»، يفنّد العيراني الأسباب التي أثّرت على هذا الإبطاء في حركة المبيع ونسبه، شارحاً أن «العامل الأبرز هو الحرب في جنوب لبنان وجواره والتي تبقي اللبنانيين بحالة من القلق والتأهّب، خوفاً من أن تتّسع دائرتها وتمتدّ إلى مختلف المناطق. كذلك، في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة، بات اللبنانيون يُرتّبون أولوياتهم في المصاريف وطبعاً في هذه المرحلة تحتلّ المواد الغذائية المرتبة الأولى، أما الأمور الأخرى التي كانوا يتبضّعونها خلال الأعياد فباتت من الكماليات مثل اللباس والزينة وغيرها، خصوصاً أن الرواتب والمداخيل ضئيلة والمدخرات احتجزت في المصارف. لا يمكن أن ننسى الغلاء المعيشي الناتج عن ارتفاع كلفة النقل البحري وكلفة الإنتاج في الدول المصدرة للبضائع بسبب حربي أوكرانيا وغزة. إلى ذلك، لحظت موازنة 2024 ارتفاعاً في بدل الخدمات الأساسية والرسوم المرتبطة بمختلف المعاملات الرسمية. أما التوافد السياحي الذي يساعد على تنشيط الحركة التجارية فغائب نتيجة الحرب في المنطقة الدائرة والضغوطات الاقتصادية التي تمارس على لبنان. هذا ويبقى الوضع الاقتصادي العام سيئاً بحيث إن الأزمة الاقتصادية تتفاقم من دون أن تتخذ الطبقة الحاكمة قراراً سياسياً لحل المشاكل وملء المناصب الشاغرة في إدارة الدولة، انطلاقاً من رئاسة الجمهورية. إلى كل العوامل السابقة تضاف عوامل خاصة بتوقيت العيد هذه السنة، إذ إن الطقس الماطر والبارد، إضافةً إلى حركة السير الخانقة أدّيا إلى تراجع المتسوّقين عن الذهاب إلى الأسواق وإن قرَّروا الشراء لجأوا إلى متاجر الأونلاين».

«أتعس» عام على الحمراء

ومن جهة، سوق الحمراء لا يبدو أن الوضع أفضل، إذ إنّ «الحركة التجارية في السوق تعيسة جدّاً»، وفق وصف رئيس جمعية تجار شارع الحمراء ومتفرّعاته زهير عيتاني الذي يتأسّف خلال حديثٍ مع «نداء الوطن» لأنّ «المنطقة لم تعد موقع جذب للطبقات البرجوازية كما كانت عليه في السنوات الماضية. كذلك، إنعدام الحركة السياحية فيها زاد الطين بلة».

ويلفت عيتاني إلى أن «هذه السنة هي الأتعس على المنطقة منذ انطلاق الأزمة، وفي أفضل الحالات تصل الحركة فيها إلى 10% رغم إبقاء الأسعار منخفضة، بالتالي الخسائر اليوم مقارنةً مع السنوات السابقة فادحة وتراجعت بنسبة 90%».

وأمّا في ما يتعلّق بارتفاع أسعار السلع على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار، فيؤكّد خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد د. محمد فحيلي «أن لا علاقة لسعر صرف الدولار بغلاء الأسعار اليوم في لبنان لأن الاستهلاك بات مدولراً بنسبة 100%».

تعدّد أسباب إرتفاع الأسعار

ويرى أنّ «الأسباب خلف ارتفاع الأسعار متعدّدة، أوّلها أن لبنان بلد يستورد الجزء الأكبر من استهلاكه ومن المواد الأولية المستخدمة للصناعة، في حين أن البلدان التي يتم الإستيراد منها في أوروبا وأميركا تشهد غلاء أسعار وضغوطات تضخمية. ثانياً، الحرب في غزة والتوتر الأمني في المنطقة أدّى إلى ارتفاع أسعار الشحن الأمر الذي يعتبر عاملاً سلبياً يؤثّر على غلاء الأسعار في لبنان. أما السبب الثالث، فهو ارتفاع أسعار بوالص التأمين بشكل كبير وهي تعتبر جزءاً أساسياً من الشحن وتؤثر على كلفة الشحن من الخارج إلى لبنان ومنه إلى الخارج. إلى ذلك يضاف عامل رابع مؤثر وهو ارتفاع أسعار الطاقة التي ستنعكس سلباً على أسعار الاستهلاك».

الرقابة غائبة!

ويتطرّق فحيلي خلال حديث مع «نداء الوطن»، إلى عنصر خامس يؤثّر على الأسعار من دون أن يكون له إرتباط مباشر بالاقتصاد من الناحية التقنية وهو «غياب الرقابة الذي يشجّع على الانفلات والانفلاش في التسعير والأسعار وينعكس تفاوتاً في الأسعار بين متجر وآخر حتى ضمن المنطقة الواحدة، والفارق قد يصل إلى 40 سنتاً في الصنف نفسه. في المقابل، وزارة الاقتصاد عاجزة عن توزيع مراقبيها لتغطية كافة الأراضي اللبنانية، ذلك بسبب قرار تخفيض الكلفة التشغيلية الذي قضى على اندفاع موظفي الإدارة العامة للمداومة، في حين أن لا مناقبية مهنية في البلد. كذلك، تحسّن الرواتب والأجور في القطاع الخاص أدّى إلى إظهار أصحاب الرواتب بالدولار الفريش شغفاً وقدرة على دفع مبالغ أكبر مقابل الحصول على الخدمات التي يريدونها، هذا الواقع انعكس ارتفاعاً في أسعار السلع وهو أمر طبيعي في بلد الرقابة فيه غائبة».

أرقام المبيعات جيّدة

أما بالنسبة إلى الحركة هذه السنة مقارنةً مع السنوات الثلاث الماضية، فيُقيّمها فحيلي بأنها «أفضل بأشواط إذ تقدمنا من سيّئ جدّاً إلى جيّد وإلى جيد جداً، وهذا يترجم بأرقام الاستيراد حيث إن عام 2021 لم نشهد الكثير من البضاعة المستوردة الجديدة، في حين أن اليوم نرى تنوّعاً في الأصناف في السوبرماركت ما يفسّر بأنه تحسّن وتطوّر وتوسّع، كذلك أرقام المبيعات جيّدة. وبالارتكاز إلى أحاديثي مع أصحاب المؤسسات إستشففت منهم ارتياحاً للتسويق في فترة الأعياد حيث المبيعات لم تكن بهذا الزخم مقارنةً مع السنوات الماضية. هذا الواقع ينعكس استقراراً في سعر صرف الدولار نظراً إلى العرض الكبير للدولار الذي يشهده كونه العملة الأولى والمفضلة في التبادل والتداول التجاري بغض النظر عن نوع السلعة أو الخدمة التي عليها طلب».

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى