التلوث في لبنان يؤثّر على خصوبة الرجال.. ومعدل الولادات ينخفض
عاملان اثنان أثرا على وتيرة الإنجاب في لبنان.. الوضع الإقتصاديّ والتلوث! مع الأسف هذا حقيقة ما يحصل اليوم في لبنان، تراجع واضح وملموس في نسب الولادة منذ عام 2019 وحتى اليوم، إذ يوعز الخبراء الأمر إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين في المرتبة الأولى، ما أثّر على اتخاذ القرار بالزواج، أو حتى إنجاب الأولاد، حيث انعكست الأوضاع بشكلٍ واضح على الأرقام التي انخفضت من 93 ألف مولود عام 2018 إلى 62 ألفًا حتى أواخر العام 2022، وهذا يعني تراجعًا بلغت نسبته 32 في المئة تقريبًا، ليصل معدل عدد أفراد الأسرة اللبنانية إلى 4 بعدما كان 6.
وعلى الرغم من زيادة الأجور، لا يزال أمر شراء مستلزمات الأطفال يشكّل مهمة شاقة أمام العديد من الأهالي الذين لم تعد لديهم القدرة على تحمّل النفقات الضحمة. وهذا الأمر يؤكّده أحد الصيادلة الذي أشار خلال حديث مع “لبنان24” إلى أنّ نسبة المبيعات انخفضت بين 40 و60% في ما خصّ حاجيات الأطفال كالحليب، والحفاضات، والأدوية والمكملات الغذائية.
ولفت إلى أنّ حتى المعاينات داخل العيادات الخاصة بالاطفال تراجعت إلى أكثر من 30%، على الرغم من أن هذه العيادات تتواجد داخل القرى، حيث الكلفة قليلة ومقدور عليها على عكس المدن.
التلوث: القاتل الصامت
وإلى جانب الوضع الاقتصادي، يبرز التلوث، القاتل الصامت، كأحد أهمّ الاسباب الذي من شأنه أن يؤثّر على خصوبة الرجال والنساء معًا. ففي لبنان، الذي يشهد نسبة تلوث كبيرة جراء عدم الالتزام بالمعايير المفروضة على المصانع والشركات والأفراد حتى، بدأ المواطنون يدفعون ثمن هذه التجاوزات، إن كان من خلال اصابتهم بأمراض تنفسية أو حتى سرطانية، بالاضافة إلى التأثير على قدرتهم على الانجاب.
فماذا يقول الطب في هذا المجال؟
“عمليًا ترتبط قلة الخصوبة بالتلوث بشكل أو بأخر”.. هذا ما يؤكّد عليه أحد الأطباء الذي تواصل معهم “لبنان24″، إذ يشير خلال حديثه إلى أن التعرض للجسيمات الهوائية الملوثة من شأنه أن يؤثّر على جودة السائل المنوي، وتحديدًا حركة الحيوانات المنوية، فالتعرض لهذه السموم والمواد الكيميائية من شأنه أن يؤثّر على الرجل والمرأة الحامل حتى، مشيرًا إلى أن هذه السموم ليست مرتبطة فقط بالخصوبة، حيث أظهرت الدراسات وجود ارتباط واضح بينها وبين أمراض القلب والضغط والسكري.
وأشار الطبيب إلى أن المرأة الحامل التي تحمل في دمها جسيمات هوائية ملوثة ستفرزهم خلال الحمل، وهذا ما قد يؤدي إلى وصولهم إلى الجنين، الذي سيتأثر بشكلٍ سلبيّ.
ولفت الطبيب إلى أن الرجال يظهر عندهم تأثير التلوث على خصوبتهم بشكلٍ أكبر عندما يتعرضون للهواء الملوث أو السموم خلال الجزء الأول من الـ 90 يومًا من تكوين الحيوانات المنوية.
المجتمع الشبابي مفقود
من جهته يؤكّد المختص بعلم اجتماع الأسرة فؤاد العلم أن لبنان وللأسف يعاني من أزمة كبيرة في ما خصّ تكوين الأسرة، ونسب الطلاق المرتفعة، إذ إن المجتمع وفي قسم كبيرٍ منه يواجه أزمة التفكك الأسريّ، وسط غياب أي أرقامٍ رسمية من قبل المحاكم الدينية التي تتحفظ عن نشرها.
ويشدّد العلم لـ”لبنان24″ على أن المجتمع يشهد حاليًا انقلابًا كبيرًا يفسّر على مستويين:
أولا، شهد لبنان خلال الفترة الماضية موجة هجرة كبيرة، سرقت الفئة الشبابية وقلبت نظام المجتمع اللبناني الذي ستسيطر عليه فئة كبار السن بدل الفئة الشبابية، وهذا ما سيؤثر على تقدم المجتمع وتطوره، خاصة وأن معظم قرارات الهجرة المتخذة اليوم هي دائمة وطويلة.
ثانيًا، خوف الأفراد من الإنجاب بسبب الظروف الاقتصادية، إذ وبظل قرار الزواج الذي قد يكسر القاعدة بين منطقة وأخرى، فإن العديد من الشركاء يلجأون إلى خيار استخدام وسائل منع الحمل خوفًا من عدم قدرتهم على تلبية احتياجات فرد جديد معهم في العائلة.
على العموم، سواء كان الأمر إراديًا أم لا، فان لبنان يشهد انحدارا كبيرًا ببنيته الإجتماعية، وهذا الأمر سيؤدي مستقبلا إلى تصدعٍ كبير داخل المجتمع لن يستطيع أحد تحمل تبعاته، وهذا ما يطرح من جديد قضية الهوية اللبنانية وصمودها في بلاد الأرز!