هنية يستنجد بإيران
كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
بعد اربعة ايام بالتمام، تطبق الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة شهرها السادس من دون ان تفلح جهود الوسطاء والمفاوضين في وضع حد لها. الا ان المعلومات الواردة من مفاوضات الهدنة في القاهرة اخيرا تفيد انها تسير في شكل ايجابي وان المفاوضين يبدون مرونة يمكن ان تحرز تقدما في الأيام المقبلة خاصة في ملف عودة السكان إلى شمال غزة، بعدما تمت صياغة مقترح جديد يعوّل على ان يدفع في اتجاه تسوية تبدأ بفرض هدنة لمدة ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح 40 أسيراً من أصل 130 تحتجزهم حماس في غزة.
الا ان المفاوضات ، لئن تقدمت ، تبقى دونها عقبة مهمة تتمثل في سوء العلاقة بين قادة حماس داخل وخارج غزة. ذلك ان زعيم حماس في الداخل يحيى السنوار وقادة كتائب القسام متهمون بعرقلة مساعي التهدئة مطالبين باتفاق شامل ، شأن حمل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج إسماعيل هنية على زيارة طهران مستنجدا بمونتها على هؤلاء للضغط عليهم للقبول ببعض شروط التفاوض ، خصوصا بعدما هددت قطر بطرد قادة حماس اذا استمرت عرقلة الوساطات،علما ان السنوار الذي تعتبر اسرائيل ان كلمة الفصل تعود اليه في المفاوضات وليس لقيادة الحركة في الخارج، يجاهر بعلاقاته مع طهران ومدى مساعدتها له ودعمه بالسلاح والمال .
الخلافات هذه داخل البيت الحمساوي، من شأنها ان تؤثر سلبا على مسار المفاوضات لوقف الحرب في غزة، بحسب اوساط دبلوماسية عربية متابعة ، تقول لـ”المركزية” ان الوفد الاسرائيلي لم يعد يثق بالمفاوضين من حماس في القاهرة، باعتبارهم غير قادرين على الزام السنوار وكتائب القسام على الالتزام بأي اتفاق قد يبرم في ضوء عمق التباين بين الطرفين الا اذا تدخلت ايران التي لا يستبعد ان تفعل من ضمن صفقة تؤمن لها مصالح اقليمية تعويضا عن ورقة حماس، لا بل يتوقع ان تفعل، فتقنع سائر القيادات والفصائل التي تدور في فلكها لقاء ثمن تحدده وتقبضه على الارجح من واشنطن.
وتشير الى ان ايران وهنية ينسقان الموقف ويعتزمان تقديم التنازلات المطلوبة لوقف اطلاق النار في غزة طالما ان طهران خلف الطلب، وهو شأن لا نقاش فيه، الا ان ايران تبحث عن كيفية اقناع السنوار بوجوب التنازل عن مطلب الاتفاق الشامل الذي يتمسك به ورفضه اي اتفاق على القطعة، مستندا الى ان التفاوض يتم من موقع القوة وحق الحركة في ان تفرض شروطها على اسرائيل.
الاوساط تشير الى ان طهران تسعى لترتيب الامر من خلال توجيه رسالة الى ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، تؤكد عبرها ضمان التزام وقف اطلاق النار. وتوازيا، وفي ما خص جبهة المساندة في جنوب لبنان تكشف عن رسالة نقلها قائد “فيلق القدس” اسماعيل قاآني من قيادة الجمهورية الاسلامية الى حزب الله ، تنطوي على طلب بـ”عدم الرد على اسرائيل حتى ولو تجاوزت قواعد الاشتباك”، لان ايران ترفض توسيع الجبهات الحالية خشية تحولها الى حرب شاملة. وقد تُرجم ذلك في سلسلة استهدافات نفذتها اسرائيل واغتالت خلالها قادة ومسؤولين في الحزب من دون ان يرد بالمثل لا بل اكتفى كل مرة بإطلاق صلية من الصواريخ في اتجاه الداخل الاسرائيلي، لا توازي حكما حجم الضربات الموجعة له.
تحاول ايران تسويق الموقف هذا راهنا لدى ادارة الرئيس بايدن للإفادة منه انتخابيا. واذا توسعت رقعة المواجهات الى حرب شاملة في غفلة منها، تكون بمنأى عنها ، كما فعلت ابان عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول الماضي.اسلوب لم يرق لحزب الله وقد حشره جدا امام شعبيته المتجهة انحداريا بعد 8 تشرين ، الا ان الطلب الايراني لا يُرد، تختم الاوساط.